فصل: * فيه مسائل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


قوله‏:‏ ‏(‏من تعلق‏)‏، أي‏:‏ اعتمد عليه وجعله همه ومبلغ علمه، وصار يعلق رجاءه به وزوال خوفه به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شيئًا‏)‏ نكرة في سياق الشرط؛ فتعم جميع الأشياء، فمن تعلق بالله ـ سبحانه وتعالى ـ وجعل رغبته ورجاءه فيه وخوفه منه؛ فإن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُو حَسْبُه‏}‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية3‏]‏؛ أي؛ كافية، ولهذا كان من دعاء الرسل وأتباعهم عند المصائب والشدائد‏:‏ ‏{‏حسبنا الله ونعم الوكيل‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 173‏]‏، قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد وأصحابه حين قيل لهم‏:‏ ‏{‏إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ‏}‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب التفسير/ باب ‏{‏الذين قال لهم الناس ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏‏]‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ من الآية173‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكل إيه‏)‏، أي‏:‏ أسند إليه، وفوض‏.‏

* أقسام التعلق بغير الله

الأول‏:‏ ما ينافي التوحيد من أصله، وهوأن يتعلق بشيء لا يمكن أن يكون له تأثير، ويعتمد عليه اعتمادًا معرضًا عن الله، مثل تعلق عباد القبور بمن فيها عند حلول المصائب، ولهذا إذا مستهم الشراء الشديدة يقولون‏:‏ يا فلان‏!‏ أنقذنا؛ فهذا لا شك أنه شرك أكبر مخرج من الملة‏.‏

الثاني‏:‏ ما ينافي كمال التوحيد، وهوأن يعتمد على سبب شرعي صحيح من الغفلة عن المسبب، وهوالله ـ عز وجل ـ وعدم صرف قلبه إليه؛ فهذا نوع من الشرك، ولا نقول شرك أكبر؛ لأن هذا السبب جعله الله سببًا‏.‏

الثالث‏:‏ أن يتعلق بالسبب تعلقًا مجردًا لكونه سببًا فقط، مع اعتماده الأصلي على الله؛ فيعتقد أن هذا السبب من الله، وأن الله لوشاء لأبطل أثره،

‏(‏التمائم‏)‏‏:‏ شيء يعلق على الأولاد يتقون به العين‏.‏

لكن إذا كان المعلق من القرآن؛ فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه‏.‏

ولو شاء لأبقاه، وأنه لا أقر للسبب إلا بمشيئة الله ـ عز وجل ـ فهذا لا ينافي التوحيد لا كمالًا ولا أصلًا، وعلى هذا لا إثم فيه‏.‏

ومع وجود الأسباب الشرعية الصحيحة ينبغي للإنسان أن لا يعلق نفسه بالسبب، بل يعلقها بالله‏.‏

فالموظف الذي يتعلق قلبه بمرتبه تعلقًا كاملًا، مع الغفلة عن المسبب، وهو الله، قد وقع في نوع من الشرك، أما إذا اعتقد أن المرتب سبب والمسبب هوالله ـ سبحانه وتعالى ـ وجعل الاعتماد على الله، وهو يشعر أن المرتب سبب؛ فهذا لا ينافي التوكل‏.‏

وقد كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأخذ بالأسباب مع اعتماده على المسببن وهوالله ـ عز وجل ـ‏.‏

وجاء في الحديث‏:‏ ‏(‏من تعلق‏)‏، ولم يقل‏:‏ من علق؛ لأن المتعلق بالشيء يتعلق به بقلبه وبنفسه، بحيث ينزل خوفه ورجاءه وأمله به وليس كذلك من علق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا كان المعلق من القرآن‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ إلخ‏.‏

إذا كان المعلق من القرآن أوالأدعية المباحة والأذكار الواردة؛ فهذه المسألة اختلف فيها السلف رحمهم الله؛ فمنهم من رخص في ذلك لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُو شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ من الآية82‏]‏، ولم يذكر الوسيلة التي نتوصل بها إلى الاستشفاء بهذا القرآن؛ فدل على أن كل وسيلة يتوصل بها إلى ذلك فهي جائزة، كما لوكان القرآن دواء حسيًا‏.‏

ومنهم من منع ذلك وقال‏:‏ لا يجوز تعليق القرآن للاستشفاء به؛ لأن الاستشفاء بالقرآن ورد على صفة معينة، وهي القراءة به، بمعنى أنك تقرأ على المريض به؛ فلا نتجاوزها، فلوجعلنا الاستشفاء بالقرآن على صفة لم ترد؛ فمعنى ذلك أننا فعلنا سببًا ليس مشروعًا (1) ، وقد نقله المؤلف رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه‏.‏

ولولا الشعور النفسي بأن تعليق القرآن سبب للشفاء؛ لكان انتفاء السببية على هذه الصورة أمرًا ظاهرًا؛ فإن التعليق ليس له علاقة بالمرض، بخلاف النفث على مكان الألم؛ فإنه يتأثر بذلك‏.‏

ولهذا نقول؛ الأقرب أن يقال‏:‏ إنه لا ينبغي أن تعلق الآيات للاستشفاء بها، لا يسما وأن هذا المعلق قد يفعل أشياء تنافي قدسية القرآن؛ كالغيبة مثلًا، ودخول بيت الخلاء، وأيضًا إذا علق وشعر أن به شفاء استغنى به عن القراءة المشروعة؛ فمثلًا‏:‏ علق آية الكرسي على صدره، وقال‏:‏ ما دام أن آية الكرسي على صدري فلن أقرأها، فيستغنى بغير المشروع عن المشروع، وقد يشعر بالاستغناء عن القراءة المشروعة إذا كان القرأن على صدره‏.‏

و‏(‏الرقى‏)‏‏:‏ هي التي تسمى العزائم، وخص منها الدليل ما خلا من الشرك؛ فقد رخص فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العين والحمة‏.‏

و‏(‏التولة‏)‏‏:‏ هي شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته‏.‏

وإذا كان صبيا؛ فربما بال ووصلت الرطوبة إلى هذا المعلق، وأيضًا لم يرد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيه شيء‏.‏

فالأقرب أن يقال‏:‏ إنه لا يفعل، أما أن يصل إلى درجة التحريم؛ فأنا أتوقف فيه، لكن إذا تضمن محظورًا؛ فإنه محرمًا بسبب ذلك المحظور‏.‏

* * *

قوله‏:‏ ‏(‏التي تسمى العزائم‏)‏‏.‏ أي‏:‏ في عرف الناس، وعزم عليه؛ أي‏:‏ قرأ عليه، وهذه عزيمة؛ أي قراءة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وخص منها الدليل ما خلا من الشرك‏)‏، أي‏:‏ الأشياء الخالية من الشرك؛ فهي جائزة، سواء كان مما ورد بلفظه مثل‏:‏ ‏(‏اللهم رب الناس ‏!‏ أذهب الباس، اشف أنت الشافي‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب المرضى/باب دعاء العائد للمريض، ومسلم‏:‏ كتاب السلام/باب استحباب رقية المريض‏.‏‏]‏، أولم يرد بلفظه مثل‏:‏ ‏(‏اللهم عافه، اللهم اشفه‏)‏، وإن كان فيها شرك؛ فإنها غير جائزة، مثل‏:‏ ‏(‏يا جني‏!‏ أنقده، ويا فلان الميت ‏!‏ اشفه‏)‏، ونحوذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من العين والحمة‏)‏، سبق تعريفهما في باب من حقق التوحيد دخل الجنة‏.‏

وظاهر كلام المؤلف أن الدليل يرخص بجواز القراءة إلا في هذين الأمرين‏:‏ ‏(‏العين، والحمة‏)‏، لكن ورد بغيرهما؛ فقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينفخ على يديه عند منامه بالمعوذات، ويمسح بهما ما استطاع من جسده ‏[‏‏(‏1‏)‏ البخاري‏:‏ كتاب فضائل القرآن / باب فضل المعوذات، ومسلم‏:‏ كتاب السلام/باب رقية المريض بالمعوذات والنفث‏.‏

‏]‏، وهذا من الرقية، وليس عيبًا ولا حمة‏.‏

ولهذا يرى بعض أهل العلم الترخيص في الرقية من القرآن للعين والحمة وغيرهما عام، ويقول‏:‏ إن معنى قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا رقية إلا من عين أو حمة‏)‏؛ أي‏:‏ لا استرقاء إلا من عين أوحمة، والاسترقاء‏:‏ طلب الرقية؛ فالمصيب بالعين ـ وهو ‏(‏العائن‏)‏ ـ يطلب منه أن يقرأ على المعيون‏.‏

وكذلك الحمة يطلب الإنسان من غيره أن يقرأ عليه؛ لأنه مفيد كما في حديث أبي سعيد في قصة السرية ‏[‏سق ‏(‏ص 87‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

* شروط جواز الرقية‏:‏

الأول‏:‏ أن لا يعتقد أنها تنفع بذاتها دون الله، فإن اعتقد أنها تنفع بذاتها من دون الله؛ فهو محرم، بل شرك، بل يعتقد أنها سبب لا تنفع إلا بإذن الله‏.‏

الثاني‏:‏ أن لا تكون مما يخالف الشرع؛ كما إذا كانت متضمنة دعاء غير الله، أو استغاثة بالجن، وما أشبه ذلك؛ فإنها محرمة، بل شرك‏.‏

الثالث‏:‏ أن تكون مفهومة معلومة، فإن كانت من جنس الطلاسم وروي أحمد عن رويفع؛ قال‏:‏ قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏يا رويفع‏!‏ لعل الحياة ستطول بك؛ فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وترًا، أو استنجى برجيع دابة أو عظم؛ فإن محمدًا بري منه‏)‏ ‏[‏مسند الإمام أحمد ‏(‏4/108، 109‏)‏‏.‏

‏]‏ والشعوذة؛ فإنها لا تجوز‏.‏

أما بالنسبة للتمائم؛ فإن كانت من أمر محرم، أواعتقد أنها نافعة لذاتها، أوكانت بكتابة لا تفهم؛ فإنها لا تجوز بكل حال‏.‏

وإن تمت فيها الشروط الثلاثة السابقة في الرقية؛ فإن أهل العلم اختلفوا فيها كما سبق‏.‏

* * *

قوله‏:‏ ‏(‏من عقد لحيته‏)‏، اللحية عند العرب كانت لا تقص ولا تحلق، كما أن ذلك هو السنة، لكنهم كانوا يعقدون لحاهم لأسباب‏:‏

منها‏:‏ الافتخار والعظمة، فتجد أحدهم يعقد أطرافها، أو يعقدها من الوسط عقدة واحدة ليعلم أنه رجل عظيم، وأنه سيد في قومه‏.‏

الثاني‏:‏ الخوف من العين؛ لأنها إذا كانت حسنة وجميلة ثم عقدت أصبحت قبيحة، فمن عقدها لذلك؛ فإن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بريء منه‏.‏

وبعض العامة إذا جاءهم طعام من السوق أخذوا شيئًا منه يرمونه في الأرض؛ دفعًا للعين، وهذا اعتقاد فاسد ومخالف لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏

وعن سعيد بن جبير؛ قال‏:‏ ‏(‏من قطع تميمة من إنسان؛ كان كعدل رقبة‏)‏‏.‏ رواه وكيع ‏[‏مصنف ابن أبي شيبة‏:‏ كتاب الطب/ باب في تعليق التمائم والرقى‏.‏‏]‏‏.‏

‏(‏إذا سقطت لقمة أحدكم؛ فليمط ما بها من الأذى، وليأكلها‏)‏ ‏[‏مسلم‏:‏ كتاب الأشربة/ باب استحباب لعق الأيادي والقصعة‏.‏‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو تقلد وترًا‏)‏، الوتر‏:‏ سلك من العصب يؤخذ من الشاة، وتتخذ للقوس وترًا، ويستعملونها في أعناق إبلهم أوخيلهم، أوفي أعناقهم، يزعمون أنه يمنع العين، وهذا من الشرك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو استنجى برجيع دابة‏)‏، الاستنجاء‏:‏ مأخوذ من النجو، وهو إزالة أثر الخارج من السبيلين؛ لأن الإنسان الذي يتمسح بعد الخلاء يزيل أثره‏.‏

ورجيع الدابة‏:‏ هو روثها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو عظم‏)‏‏.‏ العظم معروف، وإنما تبرأ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممن استنجى بهما؛ لأن الروث علف بهائم الجن والعظم طعامهم، يجدونه أوفر ما يكون لحمًا‏.‏

وكل ذنب قرن بالبراءة من فاعله؛ فهو من كبائر الذنوب، كما هو معروف عند أهل العلم‏.‏

الشاهد من هذا الحديث قوله‏:‏ ‏(‏من تقلد وترًا‏)‏‏.‏

* * *

* · قوله‏:‏ وعن سعيد بن جبير؛ قال‏:‏ ‏(‏من قطع تميمة‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كعدل رقية‏)‏ بفتح العين لأنه من غير الجنس، والمعادلة من الجنس وله عن إبراهيم؛ قال‏:‏ ‏(‏كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن‏)‏ ‏[‏مصنف ابن أبي شيبة‏:‏ كتاب الطب/ باب في تعليق التمائم والرقى‏.‏‏]‏‏.‏

بكسر العين، ووجه المشابهة بين قطع التميمة وعتق الرقبة‏:‏ أنه إذا قطع التميمة من إنسان؛ فكأنه أعتقه من الشرك، ففكه من النار، ولكن يقطعها بالتي هي أحسن؛ لأن العنف يؤدي إلى المشاحنة والشقاق، إلا إن كان ذا شأن كالأمير، والقاضي، ونحوه ممن له سلطة؛ فله أن يقطعها مباشرة‏.‏

* * *

قوله‏:‏ ‏(2)، وقد سبق أن هذا رأي ابن مسعود رضي الله عنه؛ فأصحابه يرون ما يراه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وله عن إبراهيم‏)‏، وهوإبراهيم النخعي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كانوا‏)‏، الضمير يعود إلى أصحاب ابن مسعود؛ لأهم هم قرناء إبراهيم النخعي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏التمائم‏)‏، هي ما يعلق على المريض أوالصحيح/ سواء من القرآن أوغيره للاستشفاء أولاتقاء العين، أوما يعلق على الحيوانات‏.‏

وفي هذا الوقت أصبح تعليق القرآن لا للاستشفاء، بل لمجرد التبرك والزينة؛ كالقلائد الذهبية، أو الحلي التي يكتب عليها لفظ الجلالة، أو آية الكرسي، أوالقرآن كاملًا؛ فهذا كله من البدع‏.‏

* فيه مسائل

الأولى‏:‏ تفسير الرقى والتمائم‏.‏ الثانية‏:‏ تفسير التولة‏.‏ الثالثة‏:‏ أن هذه الثلاثة كلها من الشرك من غير استثناء‏.‏

فالقرآن ما نزل ليستشفى به على هذا الوجه، إنما يستشفى به على ما جاء به الشرع‏.‏

* * *

* قوله‏:‏ الأولى‏:‏ تفسير الرقى والتمائم، وقد سبق ذلك‏.‏

* الثانية‏:‏ تفسير التولة، وقد سبق ذلك، وعندي أن منها ما يسمى بالدبلة إن اعتقدوا أنها صلة بين المرء وزوجته‏.‏

* · الثالثة‏:‏ أن هذه الثلاثة كلها من الشرك من غير استثناء، ظاهر كلامه حتى القرى، وهذا فيه نظر؛ لأن الرقى ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يرقي ويرقى ‏[‏‏(‏ص 91‏)‏‏.‏‏]‏، ولكنه لا يستوقي؛ أي‏:‏ لا يطلب الرقية؛ فإطلاقها بالنسبة للرقى فيه نظر، وقد سبق للمؤلف رحمه الله أن الدليل خص منها ما خلا من الشرك، وبالنسبة للتمائم، فعلى رأي الجمهور فيه نظر أيضًا‏.‏

وأما على رأي ابن مسعود؛ فصحيح، وبالنسبة للتولة؛ فهي شرك بدون استثناء‏.‏

الرابعة‏:‏ أن الرقية بالكلام الحق من العين والحمة ليس من ذلك‏.‏ الخامسة‏:‏ أن التميمة إذا كانت من القرآن؛ فقد اختلف العلماء؛ هل هي من ذلك أم لا‏؟‏ السادسة‏:‏ أن تعليق الأوتار على الدواب عن العين من ذلك‏.‏

* الرابعة‏:‏ أن الرقية بالكلام الحق من العين أو الحمة ليس من ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الكلام الحق‏)‏، ضده الباطل، وكذا المجهول الذي لا يعلم أنه حق أوباطل‏.‏

والمؤلف رحمه الله تعالى خصص العين أو الحمة فقط استنادا لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا رقية إلا من عين أو حمة‏)‏ ‏[‏‏(‏ص94‏)‏‏.‏‏]‏، ولكن الصحيح أنه يشمل غيرهما؛ كالسحر‏.‏

* الخامسة‏:‏ أن التميمة إذا كانت من القرآن؛ فقد اختلف العلماء‏:‏ هل هي من ذلك أم لا‏؟‏ قوله‏:‏ ‏(‏ذلك‏)‏ المشار إليه‏:‏ التمائم المحرمة‏.‏

وقد سبق بيان هذا الخلاف ‏[‏انظر‏:‏ ‏(‏ص174‏)‏‏.‏‏]‏، والأحوط مذهب ابن مسعود؛ لأن الأصل عدم المشروعية حتى يتبين ذلك من السنة‏.‏

السادسة‏:‏ أن تعليق الأوتار على الدواب عن العين من ذلك، أي‏:‏ من الشرك‏.‏

السابعة‏:‏ الوعيد الشديد على من تعلق وترا‏.‏ الثامنة‏:‏ فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان

* ‏(‏تنبيه‏)‏‏:‏

ظهر في الأسواق في الآونة الأخيرة حلقة من النحاس يقولون‏:‏ إنها تنفع من الروماتيزم، يزعمون أن الإنسان إذا وضعها على عضده وفيه روماتيزم نفعته من هذا الروماتيزم، ولا ندري هل هذا صحيح أم لا‏؟‏ لكن الأصل أنه ليس بصحيح لأنه ليس عندنا دليل شرعي ولا حسي يدل على ذلك، وهي لا تؤثر على الجسم؛ فليس فيها مادة دهنية حتى نقول‏:‏ إن الجسم يشرب هذه المادة وينتفع بها؛ فالأصل أنها ممنوعة حتى يثبت لنا بدليل صحيح صريح واضح أن لها اتصالا مباشرا بهذا الروماتيزم حتى ينتفع بها‏.‏

* السابعة‏:‏ الوعيد الشديد على من تعلق وترا، وذلك لبراءة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممن تعلق وتبرًا، بل ظاهره أنه كفر مخرج من الملة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ من الآية 3‏]‏، لكن قال أهل العلم‏:‏ إن البراءة هنا براءة من هذا الفعل؛ كقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏من غشنا؛ فليس منا‏)‏ ‏[‏مسلم‏:‏ كتاب الإيمان/ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من غشنا فليس منا‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

* · الثامنة‏:‏ فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان، لقول سعيد بن جبير‏:‏ ‏(‏كان كعدل رقبة‏)‏، ولكن هل قوله حجة أولا‏؟‏

إن قيل‏:‏ ليس بحجة؛ فكيف يقول المؤلف‏:‏ فضل ثواب من قطع تميمة

التاسعة‏:‏ أن كلام إبراهيم لا يخالف ما تقدم من الاختلاف؛ لأن مراده أصحاب عبد الله بن مسعود‏.‏

من إنسان‏؟‏ ‏!‏

فيقال‏:‏ إنه إنما كان كذلك؛ لأنه إنقاذ له من رق الشرك؛ فهوكمن أعتقه، بل أبلغ‏.‏

فهو من باب القياس، فمن أنقذ نفسًا من الشرك؛ فهوكمن أنقذها من الرق لأنه أنقذه من رق الشيطان والهوى‏.‏

* فائدة‏:‏

إذا قال التابعي‏:‏ من السنة كذا؛ فهل يعتبر موقوفًا متصلًا ويكون المراد من السنة أي سنة الصحابة، أو يكون مرفوعًا مرسلًا‏.‏

وتقدم لنا أنه ينبغي أن يفصل في هذا، وإن التابعي إذا قاله محتجًا به؛ فإنه يكون مرفوعًا مرسلًا، أما إذا قاله في سياق غير الاحتجاج؛ فهذا قد يقال‏:‏ إنه من باب الموقوف الذي ينسب إلى الصحابي‏.‏

* التاسعة‏:‏ أن كلام إبراهيم لا يخالف ما تقدم من الاختلاف؛ لأن مراده أصحاب عبد الله بن مسعود، وليس مراده الصحابة، ولا التابعين عمومًا‏.‏

* * *